شرارة الاحتجاج: ماذا حدث داخل DeepMind؟
اندلعت موجة احتجاجات غير مسبوقة بين موظفي شركة DeepMind، ذراع الذكاء الاصطناعي التابعة لجوجل، بعد الكشف عن تعاون الشركة مع الحكومة الإسرائيلية. وفقًا لتقارير موثوقة، أعرب عشرات الموظفين عن رفضهم العلني لأي شكل من أشكال التعاون مع جهات حكومية في سياقات يعتبرونها مثيرة للجدل سياسيًا أو أخلاقيًا. هذا التمرد الداخلي لم يأتِ من فراغ، بل يعكس قلقًا متزايدًا داخل الأوساط التقنية العالمية حيال استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجالات قد تمس بحقوق الإنسان أو تُوظف في صراعات عسكرية وسياسية معقدة.
خلفيات العلاقة بين جوجل والحكومة الإسرائيلية
بدأت الأزمة عندما تسربت معلومات حول اتفاقيات تعاون بين جوجل وبعض المؤسسات الإسرائيلية، تشمل توفير تقنيات حوسبة سحابية متقدمة، وربما حلول ذكاء اصطناعي مرتبطة بإدارة البيانات وتحليلها. لم توضح جوجل بدقة نطاق هذه الشراكات، مما زاد من حالة الغموض والريبة بين العاملين. سبق أن تعرضت جوجل لانتقادات مماثلة في مشروع Maven مع وزارة الدفاع الأمريكية، ويبدو أن الأزمة الحالية تعيد إلى السطح نفس الأسئلة الأخلاقية حول مسؤولية الشركات التقنية الكبرى عند توريد تقنياتها إلى الحكومات.
مطالب الموظفين: أخلاقيات الذكاء الاصطناعي أولًا
طالب المحتجون إدارة DeepMind وجوجل بتبني شفافية مطلقة فيما يتعلق بالشراكات الحكومية، مع الالتزام الصارم بمبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. رفع الموظفون عريضة وقعها المئات، داعين إلى مراجعة مستقلة لجميع المشاريع ذات الطابع الأمني أو العسكري. بعضهم ذهب إلى حد المطالبة بإلغاء العقود المثيرة للجدل تمامًا، مذكرين بأن DeepMind تأسست في الأصل على وعد باستخدام الذكاء الاصطناعي "لخير البشرية"، لا لدعم الأجندات السياسية أو العسكرية لدول معينة، وهو ما يرونه اليوم مهددًا.
جوجل في مأزق: كيف سترد الإدارة؟
تجد جوجل نفسها الآن في موقف حساس للغاية؛ فهي من جهة ترغب في توسيع نطاق أعمالها التجارية عالميًا، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطًا داخلية متزايدة للحفاظ على سمعتها كشركة تلتزم بالمبادئ الأخلاقية. حتى الآن، اكتفت الإدارة بالتصريح بأنها "تراجع جميع العقود بعناية لضمان التزامها بسياسات حقوق الإنسان"، دون أن تقدم توضيحات إضافية. هذا الرد الضبابي أثار المزيد من الغضب بين الموظفين، الذين يطالبون بخطوات ملموسة تتعدى مجرد التصريحات العامة، بما في ذلك نشر تفاصيل الاتفاقيات أو إلغاء الشراكات المثيرة للجدل.
تداعيات مستقبلية على صناعة التكنولوجيا
قد يشكل هذا التمرد داخل DeepMind بداية موجة أوسع من الاحتجاجات داخل قطاع التكنولوجيا العالمي. مع ازدياد الوعي الاجتماعي والسياسي بين العاملين في الشركات الكبرى، لم يعد بمقدور الإدارات اتخاذ قرارات مصيرية دون توقع مقاومة داخلية. كما أن مثل هذه الحركات قد تؤثر على سياسات التوظيف، وجذب المواهب، وحتى على مواقف المستثمرين الذين صاروا يولون أهمية متزايدة لمعايير البيئة والحوكمة والمسؤولية الاجتماعية (ESG). في النهاية، يبدو أن معركة تحديد مستقبل الذكاء الاصطناعي ستكون كما هي في المختبرات، كذلك في قاعات الاجتماعات وعلى طاولات الاحتجاجات.