في خطوة جريئة تحمل أبعادًا تقنية وسياسية في آنٍ واحد، أعلن إيلون ماسك رسميًا تفعيل خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك" داخل الحدود الإيرانية، بعد أن فرضت الحكومة الإيرانية قيودًا مشددة على الإنترنت عقب تصاعد الأزمة الأخيرة في البلاد.
الإنترنت في إيران تحت الحصار
مع بداية التوترات، شهدت عدة محافظات إيرانية انقطاعًا شبه تام في الإنترنت، شمل خدمات حيوية مثل التطبيقات المصرفية، وتطبيق واتساب، ومنصات التواصل الاجتماعي، مما وضع المواطنين في عزلة رقمية شبه تامة عن العالم الخارجي.
ورغم أن الحكومة الإيرانية بررت الخطوة بأنها إجراء وقائي ضد هجمات سيبرانية، إلا أن منظمات حقوق الإنسان ومراقبي الإنترنت اعتبروا أن هذه الإجراءات تهدف بالأساس إلى الحد من تدفق المعلومات وكبح حرية التعبير في الداخل.
الحكومة تعترف: خفض السرعة متعمد
في تصريحات رسمية، قالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة، إن خفض سرعة الإنترنت ومنع الوصول إلى بعض الخدمات هو قرار مدروس من الدولة ضمن "الإجراءات الأمنية الوقائية"، وأكدت أن الوضع تحت "سيطرة كاملة من الحكومة"، حسبما نقلت مواقع تقنية مثل "ذا فيرج".
ستارلينك تدخل على الخط
ردًا على تلك الإجراءات، قرر إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس"، تفعيل شبكة ستارلينك الفضائية، والتي توفر الإنترنت مباشرة عبر الأقمار الصناعية، في الأراضي الإيرانية. وتعد ستارلينك من الحلول الفريدة التي تكسر حواجز الرقابة الحكومية وتوفر اتصالًا بالإنترنت لا يمكن حجبه بسهولة.
الخطوة لم تكن مفاجئة تمامًا؛ إذ سبق لماسك أن فعّل الخدمة في أوكرانيا خلال بداية الغزو الروسي، دعمًا للسكان هناك للبقاء متصلين بالعالم الخارجي، وتكررت الآن في إيران في سياق مشابه.
ما أهمية ستارلينك للإيرانيين؟
شبكة ستارلينك لا تعتمد على البنية التحتية الأرضية التقليدية، مما يعني أنها تتفوق على محاولات الحجب الحكومي. فقط بمجرد توفر الأجهزة الصغيرة لاستقبال الإشارة (Dishy McFlatface)، يمكن لأي شخص الوصول للإنترنت من أي مكان، حتى في القرى النائية أو المناطق المحظورة رقميًا.
ورغم أن التحديات اللوجستية لا تزال قائمة، مثل شحن معدات الاستقبال إلى داخل إيران وسط الحظر، فإن هناك مؤشرات على محاولات لتهريب الأجهزة عبر الحدود، بمساعدة منظمات دولية تدعم حرية الإنترنت.
ردود الفعل: ترحيب شعبي وتحفظ حكومي
الشارع الإيراني، خاصة الشباب والنشطاء، رحبوا بإعلان ماسك، معتبرين ستارلينك "نافذتهم الوحيدة نحو الحقيقة". في المقابل، لم يصدر حتى الآن رد رسمي مباشر من الحكومة الإيرانية على تفعيل الخدمة، لكن من المتوقع أن تشن السلطات حملة ضد استخدام الأجهزة المرتبطة بها.
هل ستارلينك تُغيّر قواعد اللعبة؟
التحول الرقمي في أوقات الأزمات بات سلاحًا ذا حدين؛ فبينما تسعى الحكومات لتقييد المعلومات، تستخدم التكنولوجيا للالتفاف على تلك القيود. وإيلون ماسك، كعادته، يلعب دور اللاعب الحر الذي يغيّر قواعد اللعبة حيثما تدخل.
هذه ليست المرة الأولى، وربما لن تكون الأخيرة. لكن الواضح أن ستارلينك أصبحت رمزًا للمقاومة الرقمية في وجه القمع، وأن مستقبل الإنترنت الحر قد لا يُرسم فقط في مراكز القرار السياسي، بل أيضًا في مدارات الأرض.