في خطوة تعكس التوترات المتزايدة في مجال التكنولوجيا والتجارة بين القوتين العظميين، طالبت الصين الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيف القيود الصارمة المفروضة على تصدير رقائق الذاكرة العالية النطاق (HBM)، والتي تعد مكونًا أساسيًا في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة. يأتي هذا الطلب في سياق محادثات تجارية مكثفة بين البلدين تمهيدًا لقمة مرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ.
خلفية القيود الأمريكية
فرضت الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس السابق جو بايدن، سلسلة من الضوابط على تصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، خصوصًا في مجال أشباه الموصلات ورقائق الذكاء الاصطناعي. وتأتي هذه الإجراءات ضمن استراتيجية تهدف إلى إضعاف قدرة الصين على تطوير هذه التقنيات المتقدمة التي تعتبر محور المنافسة العالمية في المستقبل الاقتصادي والتقني.
وتُعد رقائق الذاكرة العالية النطاق (HBM) من المكونات الحيوية التي تستخدم في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي، حيث تمكن من معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة كبيرة، وهو ما يتيح تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تقدماً. وقد أدى الحظر على تصدير هذه الرقائق إلى عرقلة جهود الشركات الصينية الكبرى مثل هواوي وشركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية (SMIC).
المفاوضات التجارية ورغبة الصين
أفادت تقارير أن مسؤولين صينيين أبلغوا خبراء في واشنطن رغبتهم في تخفيف هذه القيود كجزء من صفقة تجارية أوسع، تزامناً مع محاولات إدارة ترامب لتأجيل إعادة فرض الرسوم الجمركية العالية بين البلدين. وقاد وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، ثلاث جولات من المفاوضات خلال الأشهر الأخيرة، حيث كان موضوع رقائق الذاكرة العالية النطاق محورًا رئيسيًا في النقاشات.
وتقول مصادر مطلعة إن الصين تعتبر تخفيف قيود تصدير هذه الرقائق ضرورة قصوى لتحفيز تطوير صناعة الذكاء الاصطناعي المحلية، والتي تُعد من أولويات بكين في خططها الاقتصادية المستقبلية. ويُنظر إلى القيود الحالية على أنها تعيق بشكل كبير قدرة الصين على مواكبة التطورات العالمية في هذا المجال.
المخاوف الأمريكية
على الجانب الآخر، تثير هذه المطالب مخاوف جدية في الأوساط الأمريكية، حيث يرى المسؤولون أن تخفيف هذه القيود قد يمنح شركات صينية مثل هواوي وSMIC فرصة لتصنيع ملايين رقائق الذكاء الاصطناعي سنويًا، مما يعزز من تنافسيتها على الساحة الدولية ويهدد مكانة الشركات الأمريكية الرائدة.
ويصف خبراء في مراكز دراسات استراتيجية هذه الرقائق بأنها "نصف قيمة" رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، مما يجعل السماح بتصديرها للصين أشبه بمساعدة منافسين أمريكيين في مجال التكنولوجيا الحساسة.
تداعيات مستقبلية
يأتي هذا الطلب الصيني في وقت تتزايد فيه الضغوط على إدارة ترامب لتقديم تنازلات في ملف التجارة مع الصين، في محاولة لتجنب تصعيد النزاعات التجارية التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيدًا من التعقيدات في ملف تصدير التكنولوجيا بين البلدين، وسط مراقبة دقيقة من المجتمع الدولي لما قد يترتب على هذه القرارات من تأثيرات على سوق التكنولوجيا العالمية.
خلاصة
تجسد هذه المفاوضات صراعاً استراتيجياً بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، حيث تتشابك المصالح التجارية مع مخاوف الأمن القومي والتفوق التكنولوجي. ويبدو أن ملف تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي سيظل نقطة خلاف رئيسية في العلاقات الأمريكية-الصينية، مع احتمالات متزايدة لتأجيل أو تعديل القيود حسب تطورات القمة المقبلة.
اقرأ المزيد ..
تراجع في سعر الدولار أمام الجنيه في 9 بنوك بنهاية تعاملات الأحد 10 أغسطس 2025
لدعم الشركات الناشئة في مصر بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي وشركة "بيرنس كوميونتي"
فرصة ذهبية من بنك القاهرة إلغاء الحد الأدنى لفتح الحسابات بالجنيه والدولار لمدة محدودة